فجر المسرح

"فجر المسرح" هومغامرتنا مع الإنسان البائي منذ أن عرف الدراما فى أكثر صورها بدائية تعبيراً خشناً خاماً هو أدخل إلى باب التعبد والابتهال أو المحاكاة والإيماء أو الترنم والصلاة تعبيراً ساذجاً فطرياً هو أقرب إلى السحر يستهدف به استرضاء قوى الطبيعة وقوى الحياة الغلاية الغامضة والاندماج بها والتاثير عليها بالتقليد والمحاكاة، حتى وصل إلى أعتاب مجده الخاص الذى لا يشاركه فيه شئ فى المسرح المصري القديم ثم فى فجر المسرح الإغريقي، مجد الإنسان إذ يقف على قدميه ويواجه القدار ويسعى إلى الفهم والمعرفة ولو ضحى بحياته نفسها قرباناً يؤكد تمرده وتفرده وسيادته، فهو يتجه إلى الالهة نفسها بالسؤال، ويتطلب منها الجواب، إذ يعرف أن من حقه الأصيل أن يحصل على الجواب، مهما دفع فى ذلك من ثمن العذاب. مجده الخاص إذ يارك هو نفسه فى عملية الخلق كأنه إله، يضع القوانين التى تسير عالماً خاصاً من إبداعه ويسن القواعد التى تحكم عالم الفن الدرامي هذا الى ينشئه إنشاء من الغمر ولاظلمة، ويبث نفس الحياة فى أشخاص وأحداث من محض نفسه ومن خلق يديه.. هذا العالم الذى يبدأ، بشعراء التراجيديا اليونانية، ثم يتخلق وتتحدى أوضاعه وينمو ويجيش بالحياة، ومازال، طالما بقى الإنسان نفسه، ينمو ويزداد عمقاً وثراء.