هذه الذكريات الأدبية التي تطالعك بعد هذه المقدمة لا تعد من قبيل السيرة الذاتية بمقدار ما هي حديث عن شخصيات وقضايا فكرية، عاصرتها واحتككت بها من قريب ومن البعد على مدى نحو أربعين عاماً ولا تزال بعض تلك القضايا قائمة حتى اليوم، ولهذا امتد الحديث إلى الحاضر مقروناً بالماضي، فترى فيه الساق والفروع، وقد ترى الثمار ولو بين السطور.
وهي ذكريات وليست مذكرات، أي أنها تكتب الآن فتستمد من الذاكرة، وإذا كانت المذكرات التي تكتب في وقت الوقائع أدق من جهة الحكاية عن الواقع، فإن للذكريات هي التي احتفظت بها الذاكرة على مدى السنين الطويلة، والذاكرة تحتفظ باللباب وترمي القشور في الطريق، والميزة الثانية هي إشعاع النمو من الماضي إلى الحاضر، وإشعاع النظر إلى الماضي في ضوء ماجد بعده.
تعليق